بقلم هيفاء أحمد، مديرة خدمة العملاء وتجربة البيع بالتجزئة، ايجكس للخدمات اللوجستية
تشهد صناعة الخدمات اللوجستية، التي كانت معقلا للذكور في السابق، تحولاً تحويلياً. ويجري الآن التصدي بنشاط للتمثيل الناقص للمرأة الذي كان صارخا في يوم من الأيام، وأصبح التركيز على التنوع والإنصاف والشمول أكثر وضوحاً. فوائد هذا التحول متعددة: من تعزيز الابتكار إلى تعزيز عملية صنع القرار ورضا العملاء، تشهد الصناعة النتائج الإيجابية لنهج أكثر شمولا.
تبرز منطقة مجلس التعاون الخليجي في التزامها تجاه المبادرة. حيث تعمل الشركات بنشاط من أجل تحقيق التوازن بين الجنسين في مختلف المجالات، بدءاً من الأدوار الاساسية ووصولاً إلى الأدوار القيادية. هذا الالتزام ليس مدفوعا أخلاقيا فحسب، بل إنه متجذر أيضا في الواقع الاقتصادي. تحرص الحكومات في المنطقة على تحفيز النمو الاقتصادي والابتكار، بهدف وضع صناعاتها على الخريطة العالمية.
على سبيل المثال، وضعت المملكة العربية السعودية أهدافاً طموحة: دمج 30٪ من النساء السعوديات في القوى العاملة وخلق مليون فرصة عمل لهن بحلول عام 2030. ورغم إحراز تقدم جدير بالثناء نحو تحقيق هذه الأهداف، لا تزال التحديات قائمة. كشفت دراسة استقصائية شملت الشركات الرائدة في دول مجلس التعاون الخليجي أن 70٪ منها حددت التحيز الجنسي والقوالب النمطية كعقبات كبيرة أمام تقدم المرأة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الافتقار إلى التوجيه والتدريب والدعم لتحقيق التوازن بين العمل والحياة يزيد من إعاقة صعود المرأة إلى الأدوار القيادية.
وفي حين لعبت الحكومات الوطنية دوراً أساسياُ في دفع المساواة بين الجنسين، وذلك في المقام الأول من خلال المواءمة مع الأهداف العالمية مثل مبادئ تمكين المرأة التي أقرتها الأمم المتحدة، فإن المسؤولية تقع أيضا على عاتق المنظمات الفردية. والسؤال هو: كيف يمكنهم إعطاء الأولوية لتوظيف النساء وإدماجهن ونموهن؟
خطوات لتشجيع المزيد من النساء في الصناعة:
- خلق ثقافة الشمولية والدعم: ثقافة حيث كل صوت مهم يمكن أن يكون تحويلياً. نحن نؤمن إيماناً راسخاً بأن الاستثمار في موظفينا يترجم إلى ثقافة نابضة بالحياة في مكان العمل تدعم الابتكار والتعاون. نحن نشجع أعضاء فريقنا، بغض النظر عن جنسهم أو جنسياتهم، على التعبير عن أفكارهم، وضمان بيئة يشعر فيها الجميع بالتقدير. هدفنا الأساسي هو تمكين فريقنا من تحقيق إمكاناتهم، ودفع نجاح المنظمة.
- توفير فرص التعليم والتدريب: إن معالجة الفجوة في المهارات أمر بالغ الأهمية للنهوض بالمرأة. وقد اتخذت ايجكس خطوات استباقية في هذا الاتجاه من خلال إطلاق برنامج التطوير الوظيفي المصمم خصيصاً للمواطنين السعوديين. يتيح هذا البرنامج للطلاب الجدد اكتساب خبرة عملية في خدمة العملاء، مع فرص الترقيات في غضون عام. وفي الوقت الحالي، تتقدم أكثر من 33 امرأة خلال رحلة التطوير هذه التي تمتد لأربع سنوات، حيث ينتقلن من أدوار الضباط إلى المناصب الإدارية.
- تقديم مسار وظيفي للخريجين الشباب: يعد تقديم مسار وظيفي واضح أمراً ضرورياً لجذب المواهب الجديدة. ومن الأمثلة على ذلك تعاون ايجكس مع الأكاديمية السعودية للخدمات اللوجستية في برنامج 'انضم إلى المستقبل'. تعمل هذه المبادرة على إعداد الخريجين لقطاع الخدمات اللوجستية، ويتجلى التزامنا بهذه القضية في تعهدنا بتوظيف 150 مشاركاً، 39 منهم انضموا بالفعل إلى صفوفنا.
- تقديم برامج الإرشاد وفرص التواصل: يمكن أن يكون الإرشاد، وخاصة من القيادات النسائية، بمثابة تغيير في قواعد اللعبة بالنسبة للنساء اللائي يبدأن حياتهن المهنية. وجد ما مجموعه 34٪ من النساء اللاتي شملهن الاستطلاع في دول مجلس التعاون الخليجي أن هذا هو أكبر عائق أمام التقدم في مكان العمل. يمكن لمثل هذه النماذج أن تتصدى لمشاعر التهميش وتوفر الاعتراف والدعم اللذان تشتد الحاجة إليهما في مكان العمل.
- دعم المرأة في التوازن بين العمل والحياة: في دراسة استقصائية للآباء والأمهات الذين لديهم أطفال معالين، قالت 61٪ من النساء إنهن يعملن بشكل أساسي في واجبات تقديم الرعاية اليومية، مقارنة بـ 44٪ من الرجال. وبالتالي، ونظراً للأهمية الثقافية للأسرة في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن تعزيز ترتيبات العمل المرنة يمكن أن يكون عامل جذب كبير للمرأة. يتضمن ذلك خيارات مثل العمل بدوام جزئي والعمل عن بعد وساعات العمل المرنة، على الرغم من أن هذا لا يمكن أن يحدث إلا بدعم من القيادة في توفير دعم رعاية الأطفال وأماكن الإقامة المرنة في مكان العمل.
- تحديد الأهداف والمقاييس: وجود أهداف وأدوات واضحة للإبلاغ عن المقاييس الحيوية أمر بالغ الأهمية عندما يتعلق الأمر بتحقيق الأهداف التنظيمية، مهما كانت تلك الأهداف. هذا هو نفسه في حالة المساواة بين الجنسين. بدءاً من قياس أهداف التوظيف إلى تكافؤ الفرص وتمثيل القيادة وما إلى ذلك، يعد وجود أدوات القياس المناسبة أمراً أساسياً لتتبع التقدم بمرور الوقت لضمان أن مؤسستك تسير على المسار الصحيح.
في الختام:
إن الرحلة نحو التنوع بين الجنسين في صناعة الخدمات اللوجستية مستمرة، ولكن مع الجهود المتضافرة من كل من الحكومات والمنظمات، يبدو المستقبل واعداً. تُظهر الشركات في جميع أنحاء المنطقة بشكل متزايد أنه من خلال الالتزام والخطوات القابلة للتنفيذ والإيمان الحقيقي بقيمة التنوع، لا يمكن للصناعة كسر الحواجز فحسب، بل أيضاً وضع معايير جديدة. بينما نمضي قدماً، من الضروري أن نتذكر أن تعزيز التنوع بين الجنسين لا يتعلق فقط بالأرقام؛ إنه يتعلق بإنشاء صناعة أكثر ثراءً وشمولية وابتكاراً للجميع.